الانتخابات اللبنانية وولي الفقيه

الدور الإيراني في لبنان (الجزء الخامس )

  • الدور الإيراني في لبنان (الجزء الخامس )

اخرى قبل 2 سنة

الدور الإيراني في لبنان (الجزء الخامس )

الانتخابات اللبنانية وولي الفقيه

د.سالم سرية: اكاديمي وكاتب (فلسطين)

إن مسألة الانتخابات في أي بلد من البلدان هي مسألة داخلية يشترك فيها أبناء الشعب في

ذلك البلد، وعلى الرغم من ذلك فقد أثارت مسألة اشتراك حزب الله في الانتخابات

النيابية اللبنانية العام ١٩٩٢ أو عدم اشتراكه فيها ضجة كبيرة.وعلى الرغم من هامش

الحرية المتروك للحزب في التصرف بشؤونها الداخلية والتي تعتبر الانتخابات عنصرًا

من عناصرها، إلا أن نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم يؤكد أن قرار اشتراك

الحزب في الانتخابات جاء بناء على فتوى من الولي الفقيه الإيراني!!هذا الموضوع استلزم

كما يقول الشيخ نعيم قاسم "نقاشًا داخليًا موسعًا"،فكلفت لجنة من ١٢ عضوًا لنقاش هذا

الأمر، وبعد نقاش جملة من الفرضيات ارتأت أكثرية اللجنة( 10من12) أن المشاركة

في الانتخابات تحقق جملة من المصالح التي ترجح الايجابيات على السلبيات . لكن

مشروعية الاقتراح او شرعيته لم تأخذ حيز الاقتناع الكامل والتنفيذ إلا بعد) "أن استفتي

الولي الفقيه".)[1]

يقول الشيخ نعيم قاسم بعد سرده الوقائع: "( ثم جرى استفتاء سماحة الولي الفقيه الإمام

الخامنئي (حفظه الله ) حول المشروعية في الانتخابات النيابية بعد تقديم اقتراح اللجنة،فأجاز

وأيد.عندها حسمت المشاركة في الانتخابات النيابية ودخل المشروع في برنامج وآلية الحزب

[2] .فباستطاعتكم أن تحكموا مثلا إذا لم يجز الولي الفقيه و لم يؤيد اشتراك ألحزب ألم

يكن الحزب سيلتزم أيضا بهذه الفتوى بناء على العلاقة التي شرحناها بين الولي الفقيه

والمكّلفين أو المبايعين!! في هذه الحالة لمن يكون القرار ومن هو المستقل ومن هو التابع؟!

فإذا كانت مسألة اشتراك الحزب أو عدمه في الانتخابات تحتاج إلى فتوى من الولي الفقيه،

فما هو حال المسائل الجسام السياسية و العسكرية و التي لها انعكاسات إقليمية و دولية

على أداء الحزب؟هل هي تتم بتصرف ذاتي من الحزب أم بناء على توجيهات الولي الفقيه

وضمن إطارها العام حيث تكون الإستراتيجية له والتكتيك للحزب وحينما تستشعر الأطراف

أن التكتيك قد يؤدي إلى الإضرار بالإستراتيجية يصدر الأول أمره المباشر سواء عبر فتوى

أو عبر توصية و يقوم الحزب بالتنفيذ.

مثال آخر على مدى سلطة و صلاحية الولي الفقيه في لبنان:

المثال هذه المرة يتعّلق بالشأن الاجتماعي الداخلي اللبناني الصرف في ١٤ تشرين الثاني ١٩٩٧وبعد أسابيع قليلة على إعلان ما سمي "ثورة الجياع" من قبل الشيخ صبحي ألطفيلي تحدث الأمين لحزب الله السيد حسن نصرالله في صالون سميح الصلح السياسي في بيروت وقال ردًا على سؤال: ماذا عن العصيان والنزول إلى ألشارع (تعقيبًا على تهديد الشيخ الطفيلي بالعصيان المدني): "إن العصيان غير مقبول بالمعنى ألشرعي بل أن حفظ النظام العام واجب وعدم الالتزام بالقوانين يرّتب مفاسد كبيرة على أوضاع الناس وشؤونهم الحياتية وهناك حالة واحدة يجوز فيها العصيان هي عندما تصبح المفسدة كبيرة إلى الحد الذي لا يوجد فيها حل آخر وهذا يحتاج إلى إذن من الولي الفقيه ( [3]هذه هي ألآلية فمسألة الانتخابات في لبنان يتصدى لها الولي الفقيه الإيراني، ومسألة العصيان في لبنان يتصدى لها الولي الفقيه الإيراني، ولاحظوا معي إن هذه المسائل ورغم صلاحية و سلطة الحزب بالتصرف بالأمور الداخلية ضمن المنظور العام للولي الفقيه كما سبق وذكرنا، إلا أن هذا القدر من التفويض لم يتح للحزب حسم مسائل صغيرة – مقارنة بالأعمال ذات الأبعاد الإقليمية و الدولية بقدراته الذاتية وعبر قادته وكوادره، إنما تطلب الأمر تدخل الولي الفقيه. فالكلمة الفصل كانت للولي الفقيه الإيراني ولم تكن مثلا لنائبه أو وكيله في لبنان أو ممثل حزب الله أو أمينه العام اللبناني!!أمام هذه ألمعطيات لنا أن نتصور تصدي الولي الفقيه لأمور مثل العلاقة مع أهل السّنة والموقف من إسرائيل والجبهة على الشمال واّتفاقات الهدنة وقرارات خوض الحرب والسلم والمفاوضات والتوازنات الداخلية. ولنا أن نتساءل كم من المرات استفتي الولي الفقيه منذ إنشاء ألحزب وما هي الأحداث والمناسبات والمواقف التي استفتي فيها الفقيه حتى يومنا هذا ؟ وماذا كانت توجيهاته ؟ وماذا إذا اصطدم توجه الولي الفقيه مع مصلحة الدولة اللبنانية،فأيهما سيختار الحزب و لمن سيكون الولاء والطاعة؟ على الرغم من أن الجواب واضح عمليا من خلال ممارسات حزب الله خاصة بعد الخروج السوري من لبنان والذي كان يعمل على تطويع مصلحة البلد بأكمله - أي لبنان - ليجعلها تتماشى مع مصلحة الولي الفقيه فلا يظهر التناقض ولا يضطر الحزب ليكون في هذا ألمأزق إلا أننا سنستعين بما يقوله قادة الحزب أنفسهم بشان هكذا قضية يقول السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله داعمًا لمرجعية الولي الفقيه): في مسيرتنا الإلهية نحن قوم نؤدي تكليفنا الإلهي والشرعي ، ويحدده لنا ولي الأمر في خطوطه الكبيرة والعريضة وأحيانًا في التفاصيل ونحن علينا أن نؤدي( هذا التكليف الإلهي الشرعي ( [4] بطبيعة الحال التكليف "الإلهي والشرعي" في هذا الكلام المهم الذي يقوله حسن نصرالله، لا يتعّلق بمسائل مثل الخمس والصلاة والنكاح والفرائض الدينية،وإذا توهم القارئ ذلك فهو تأويل من جانبه لما لا يقبل التأويل. هذا كلام صريح وواضح يتعّلق بخطوط كبيرة وتفاصيل وإستراتيجيات فأين الاستراتيجيات في الزواج والخمس والصلاة؟! المقصود هنا السياسة والمصلحة، وهنا يرتبط السياسي بالديني من خلال الولي الفقيه و التكليف الشرعي .يعّلق مفتي صور وجبل عامل العلامة السيد علي الأمين على مسألة( إذا اصطدم توجه الولي الفقيه مع مصلحة الدولة اللبنانية، فأيهما سيختار ألحزب ) قائلا: "إذا تعارضت نظرية ولاية الفقيه بنظر "حزب الله" مع المصلحة ألداخلية فأنهم سيقدمونها على المصلحة ألوطنية لأن رأي الفقيه حكم مطاع.. لديهم هامش وطني يعطى بمقدار ما ينسجم مع مصلحة ولاية الفقيه. كانوا يقولون دائما وحتى بعضهم عندما وقعت خلافات في ألجنوب فليذهب الجنوب وتبقى الجمهورية الإسلامية في إيران، والآن يمكن أن يقول البعض فليذهب لبنان ولتبق الجمهورية الإسلامية [5] (

كان حزب الله يعتبر النظام اللبناني «صنيعة الاستكبار ألعالمي وجزءاً من الخارطة السياسية المعادية للإسلام تركيبة ظالمة في أساسها، لا ينفع معها أي إصلاح أو ترقيع بل لا بد من تغييرها من جذورها». وهو كان يدعو إلى اعتماد نظام متحرر من التبعية للغرب يقرره الشعب بمحض اختياره وحريته ويطمح في أن يُعتمد النظام الإسلامي في لبنان على قاعدة الاختيار الحر للشعب.وبعد توقيع اتفاق الطائف عام 1989، واتخاذه تسوية للأزمة اللبنانية تضع نهاية للحرب الأهلية وتقضي بتعديل الدستور لإلغاء الهيمنة ألمارونية عارض حزب الله الاتفاق لكونه يقوم بإصلاحات ترقيعية للنظام اللبناني دون تغييره أو إصلاحه جذرياً[6]. لكنه قبل بنتائج الاتفاق العملية من إنهاء الحرب وتوحيد لبنان وعودة مؤسسات ألدولة إلى حل الميليشيات وانتشار الجيش اللبناني في الأراضي اللبنانية كافة.وبدأ التحول الأساس في موقف حزب الله من النظام اللبناني عندما شارك في الانتخابات النيابية عام 1992م ودخل البرلمان اللبناني بكتلة متنوعة طائفياً، فأصبحت معارضته للنظام من داخل مؤسساته الدستورية.

وهكذا لم يعد حزب الله يدعو إلى إقامة نظام إسلامي في لبنان لإدراكه عدم واقعية هذا الطرح في الظروف ألراهنة إنما أصبح يركِّز في خطابه السياسي على إصلاح النظام السياسي عبر إلغاء الطائفية السياسية وغيرها.

الانتخابات اللبنانية: 1992

حصل حزب الله على ثمانية مقاعد وانتخب نبيه بري زعيم أمل رئيسا لمجلس النواب.

الانتخابات اللبنانية: 1996 : حصل حزب الله على تسعة مقاعد في عام 1996. بعد انتخابات عام 1996 واصل رفيق الحريري منصب رئيس الوزراء واستمر زعيم أمل السابق نبيه بري كرئيس لمجلس النواب.

الانتخابات اللبنانية: 2000 : حصل حزب الله على ثمانية مقاعد في عام 2000

الانتخابات اللبنانية: 2005 :حصل حزب الله على 14 مقعدا في مجلس النواب اللبناني المؤلف من 128 عضوا.

عام 2006 شكل تحالفا مع ميشال عون وحركته المناهضة لسوريا سابقا.

المصدر :حزب الله تحت المجهر- عبد المنعم شفيق

الهوامش

[1] راجع: "حزب الله: "المنهج...التجربة...المستقبل"، الشيخ نعيم قاسم، دار الهادي

للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ٢٠٠٢ ، ص 267

[2] المرجع السابق 273

[3] انظر: صحيفة "المستقبل"، الأربعاء ٢٩ تشرين ثاني ٢٠٠٦ ، العدد ٢٤٦٠ ، ص4 [4]خطاب عاشوراء، حسن نصرالله، ص ٦٣ . انظر: القائد السيد نصر الله قائده الولي

الفقيه، "شبكة البتول عليها السلام.

[5] صحيفة المستقبل اللبنانية، العدد ٢٣٨٦ ، الخميس ١٣ أيلول ٢٠٠٦ ، ص ٥

[6] راجع : الانقلاب على الطائف، ألبير منصور

 

١مهند سياجات أبو أحمد

 

التعليقات على خبر: الدور الإيراني في لبنان (الجزء الخامس )

حمل التطبيق الأن